التقط العلماء رسالة كونية نادرة لا تشبه تلك الومضات العابرة التي اعتادت التلسكوبات رصدها، بل كانت إشارة استثنائية تحمل في طياتها قصة موت نجمي مأساوي وولادة كونية غامضة.
وعلى بعد 2.8 مليار سنة ضوئية من أرضنا، انفجر نجم ضخم في ظاهرة تعرف بالمستعر الأعظم، تلك اللحظات الأخيرة العنيفة في حياة النجوم، لكن هذه المرة، كان الموت النجمي مختلفا، فبينما كان النجم ينهار تحت وطأة جاذبيته الهائلة، محاولا التحول إلى ثقب أسود، لم تتمكن كل طاقته من الفرار، وبعضها فقط (تلك الأجزاء الضئيلة التي استطاعت التسلل عبر الحاجز الجاذبي القوي)، شكلت الومضة الغامضة التي أطلق عليها العلماء اسم EP 250108a.
وما يجعل هذه الومضة السريعة من الأشعة السينية استثنائية هو أنها لم تكن كأي ومضة أخرى، فبفضل التعاون العلمي الدولي بين الصين وأوروبا عبر مسبار "أينشتاين"، تمكن العلماء من رصدها وهي أقرب وأوضح بكثير من أي ظاهرة مماثلة سابقة، وتصف جيليان راستينجاد، العالمة الشابة التي قادت فريق البحث، هذه اللحظة بأنها "مثل العثور على إبرة في كومة قش كونية، لكنها تتلألأ بضوء ساطع يكشف أسرارا جديدة عن موت النجوم".
وكشف التحليل الدقيق أن هذه الومضة كانت على الأرجح نتاجا لـ"انفجار فاشل" لأشعة غاما، تلك الظاهرة الكونية الأكثر قوة وإشراقا في الكون المعروف.
وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يقدم دليلا قويا على إحدى النظريات التي حاولت تفسير هذه الومضات الغامضة، فمنذ عقود، كان العلماء يتساءلون عن مصدر هذه الإشارات الكونية العابرة، والآن يبدو أن جزءا من اللغز قد بدأ بالانكشاف.
كما يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام فهم أعمق لآليات موت النجوم وتشكل الثقوب السوداء، تلك الظواهر التي تشكل حجر الأساس في فهمنا لتطور الكون.