أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تعليق الجلسات حتى إشعار آخر بعد اقتحام التيار الصدري مبنى البرلمان داخل المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، في تصاعد لافت للأزمة السياسية في البلاد.
ودعا الحلبوسي القائد العام للقوات المسلحة -في بيانه- إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات، وحماية المتظاهرين، كما طلب من المحتجين الحفاظ على سلميتهم وحفظ ممتلكات الدولة.
وناشد الحلبوسي جميع الكتل السياسية إلى عقد لقاء وطني عاجل، لإنجاز حوار وطني فاعل ومسؤول تكون مخرجاته من أجل الوطن، لتكون هذه الخطوة هي الأولى في تدارك الانهيار بين الأطراف المتصارعة داخل المنطقة الخضراء.
واثارت قرارات الرئيس الحلبوسي غضب الكتل السياسية، التي نظمت تظاهرات وقفت على اسوار الخضراء لأقل من ثلاثة ساعات قبل أن تعود أدارجها وتؤكد على الحوار وضرورة العودة لطاولة التفاوضات.
وأكد الرئيس العراقي برهم صالح الحاجة الملحّة لعقد حوار وطني صادق وحريص على مصلحة الوطن والمواطنين، حسب وكالة الأنباء العراقية.
وإثر تسارع الأحداث دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي -في بيان موجه إلى "القوات الأمنية"- إلى "حماية المتظاهرين، كما دعا المتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم".
وقال الكاظمي في كلمة عبر التلفزيون "لا بد أن تجلس الكتل السياسية وتتحاور وتتفاهم من أجل العراق والعراقيين، ويجب الابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء، أدعو الجميع الى التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية، وعدم الانجرار إلى التصادم، وأدعو المواطنين إلى عدم الاصطدام مع القوى الأمنية، واحترام مؤسسات الدولة".
وفي تطور جديد، أعلن الإطار التنسيقي الذي يمثل القوى الشيعية العراقية باستثناء التيار الصدري أنه اتخذ قرارا بتأجيل موعد المظاهرات المدافعة عن الدولة ومؤسساتها إلى إشعار آخر.
وقال إن تأجيل المظاهرات يهدف إلى منح وقت للحوار والحلول الإيجابية وضمان وحدة الصف وتجنب الفتنة.
وحمّل الإطار التنسيقي "الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد المسؤولية عما قد يتعرض له السلم الأهلي".
بدوره، قال هادي العامري -الذي يقود أحد فصائل الحشد الشعبي- مناشدا التيار الصدري والإطار التنسيقي "أدعوكم جميعا إلى اعتماد نهج التهدئة وضبط النفس والتأني، وترجيح أسلوب الحوار والتفاهم البناء من أجل تجاوز الخلافات".
من جانبه، قال زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر إن الوقت قد حان لطي صفحة نظام سياسي أدى لهذه الويلات، وصياغة عقد وطني جديد.
واعتبر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن المسؤولية الوطنية والشرعية توجب انتهاج الحوار وتصحيح المسارات، فيما طالب الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الجميع بالحفاظ على السلم الأهلي ومنع الانزلاق إلى الفوضى.
واعتبرت البعثة الأممية في العراق أن التصعيد المستمر مقلق للغاية، مطالبة بتدخل أصوات العقل والحكمة لمنع المزيد من العنف.
وقالت إنها تشجع "كافة الأطراف على خفض التصعيد من أجل مصلحة العراقيين كافة".
من جهته قال فرحان حق، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن غوتيريش يتابع بقلق الاحتجاجات المستمرة في العراق، والتي أصيب خلالها العديد من الأشخاص.
وأضاف أن غوتيريش يناشد جميع الجهات الفاعلة في العراق اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الموقف، وتجنب المزيد من العنف، كما يحث الأمين العام للامم المتحدة جميع الأطراف والجهات الفاعلة في العراق على التسامي على خلافاتهم وتشكيل حكومة وطنية فعالة، من خلال الحوار السلمي.
بدورها، قالت السفارة الأميركية في بغداد إنها تراقب عن كثب ما وصفتها بالاضطرابات في بغداد، وأكدت أن الحق في التظاهر السلمي مكفول بالدستور، وأبدت قلقها إزاء ما قالت إنها تقارير تتحدث عن وقوع أعمال عنف.
ودعت السفارة -في بيان لها- جميع الأطراف إلى الالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف، وحل الخلافات السياسية من خلال عملية سلمية وفقا للدستور العراقي.
وطالب صالح محمد العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري الأمم المتحدة بدعم الشعب من أجل إنهاء معاناته من الفساد، وحمّل الكتل السياسية مسؤولية أي اعتداء على المتظاهرين.
وكان المتظاهرون الذين احتشدوا بدعوة من الصدر والتيار الصدري الذي يتزعمه أزالوا حواجز خرسانية ودخلوا المنطقة الخضراء -التي تضم مباني حكومية ومقار بعثات أجنبية- متجهين إلى البرلمان العراقي، حيث أعلنوا بدء اعتصام داخل البرلمان.
وأعلن أنصار التيار الصدري بدء اعتصام مفتوح داخل مبنى البرلمان، وذلك بعدما اقتحموه للمرة الثانية خلال 4 أيام.
وتأتي احتجاجات اليوم السبت في أعقاب احتجاجات مماثلة يوم الأربعاء الماضي، لكن هذه المرة أصيب عدد من المتظاهرين وأفراد الشرطة عندما ألقى أنصار الصدر الحجارة، وأطلقت الشرطة الغاز المدمع والقنابل الصوتية، بحسب مسؤولين أمنيين ومسعفين.
وجاء حزب الصدر في المركز الأول في الانتخابات العامة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه سحب نوابه من البرلمان عندما أخفق في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة.
وردد أنصاره هتافات مناهضة لخصومه السياسيين الذين يحاولون الآن تشكيل حكومة.
ويبدو العراق عاجزا عن الخروج من الأزمة السياسية، إذ لم تفضِ المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية -التي تهيمن على المشهد السياسي منذ العام 2003- إلى نتيجة.
وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.
وفي حين تحقق بغداد عائدات قياسية من ثروتها النفطية الهائلة فإن البلاد ليست لديها ميزانية أو انتظام في إمدادات الكهرباء والمياه، وتشهد ترديا في قطاعي التعليم والرعاية الصحية وعدم توفر فرص عمل كافية للشباب.