عادة ما يكون للقادة والزعامات السياسية، مقابلات صحافية لا تخلو من المقاصد والتعمد، فكل مرحلة أجوبة خاصة بها، وكل منه لديه رؤية معينة في التعامل مع مصالحه الشخصية والسياسية، لكن هناك توازن يمكن ان يجب السياسيين التصيد بالماء العكر، ومحاولة نفخ بالونات على شكل رسائل، لكن حتى هذه الطريقة، لا تخلو من السلبيات وهذا ما طغى على حوار رئيس البرلمان الأخير مع قناة الرشيد الفضائية.
ويرى محللون أن لقاء رئيس البرلمان الحلبوسي خرج بعد عام كامل من الأحداث بدأت بالانتخابات المبكرة وما رافقها من أحداث كبيرة وخطيرة، وأنتهى بانسحاب الكتلة الصدرية، وخلو الساحة السياسيية للاعبين الشيعة في الإطار التنسيقي وحلفائهم.
ويقول المحللون أن أجوبة رئيس البرلمان، جاءت في مجملها بمواقف ايجابية واضحة، لكنها لم تخلو من السلبيات، كون رئيس البرلمان لا يتعامل مع المواقف على أنها مسائل شخصية، بل يعطي لكل موقف حقه وهذا ما قد يعتبره البعض تصرفاً سلبياً يؤثر على مستقبل الحلبوسي السياسي، الذي أراد هو بنفسه التخلص منه، حين طلب من الكتل السياسية التصويت على إقالته من رئاسة البرلمان، ليثبت لهم زهده بالمنصب، لكنهم جددوا الثقة به أغلبية سياسية.
وعلى عكس كل الذين توقعوا أن تكون أجوبة رئيس البرلمان، معادلاً موضوعياً لكل الأجوبة التي يحاول المسؤولين من خلالها ايصال رسائل ترضية للخصوم، للبقاء في مناصبهم، جاءت أجوبة رئيس البرلمان دون "خشية" على خسارة مطرقة رئاسة البرلمان التي يسعى جميع خصومه من السياسيين السنة الوصول إليها بأي ثمن، وما جرى في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الأولى شاهداً كبيراً على حجم "الاقتتال" السني على منصب رئاسة البرلمان.
جاءت رسائل الحلبوسي خلال المقابلة هجومية أكثر من المعتاد، حيث أقترب في أجوبته على اسئلة المحاور إلى دوائر التهديد والابتزاز لكنه، كان واضحاً وواقعياً في التعامل مع كل المواضيع التي أنطلق منها المحاور التلفزيوني.
وجاءت ردود الحلبوسي، للدلالة على اعتداده بنفسه، فهو إبن محافظة الأنبار الذي شرع بنهضتها وعمرانها، دون النظر لما يمكن أن يتعرض له، وهو الشاب الذي يبدوا لصقور السياسية قليل خبرة، لكنه وفي كل موقف يثبت نفسه بذكائه واستغلاله للفرص التي تظهر أمامه.
وبعيداً عن الدعاية الانتخابية، والترويج لما سيصنعه في المستقبل القريب، عامل رئيس البرلمان الحديث الذي جره اليه المحاور بسطحية تامة، ولم يكن يهتم بما سيؤول من حديثه الذي أزعج المراقبين السياسيين واعتبروه استهانة بالعملية السياسية، فقد وجه الحلبوسي رسائل متعددة الى من يهمه الامر ومن ينتظر ان يهمه -تحالف الانبار-الاطار-المالكي-الصدر-تركيا-دول عربية قاسمها المشترك الكل على خط الاتصال والانتظار من طرف واحد.
قراءة مجملة للقاء الحلبوسي وفقاً لمحليين وأكاديميين:
لقاء الحلبوسي في قناة الرشيد يأتي بعد عام مكتظ بالاحداث ومزدحم بالمواقف ومتنوع بالوجوه والاصوات،
كانت اجوبة الحلبوسي أعمق من أسئلة الاعلامي الذي انتشر على خارطة عريضة بأسئلته الغارقة بالمعتاد
لم تكن المطرقة(الچاكوج) في كف الحلبوسي ولكن كانت كلماته بإيقاع المطرقة فأثارت التساؤل والدهشة واحتمالات الملائكة والشياطين
لم تكن يد الحلبوسي ترتجف خشية فقدان المطرقة او ضياعها في رمال الانبار المتحركة ولكن كانت يده تتزين بساعة ضابطة لوقت الغيوم والرياح على خطوط الطول والعرض
كان الحلبوسي هجومياً متدفقاًمن أول اللقاء الى نهايته ولم يترجل عن جواد المنافسة التي لم يرغب بالاعتراف بها ولو ملئت المضامير
تطايرت بعض كلماته في فضاءات التهديد والتخويف واقتربت من الابتزاز لكنه استطاع ان يرسمها بقلم واقعي لا يزعج الاخرين
رشاقة الحديث سياسياً تفوقت على لغة البيان الساحرة التي لو حضرت لحلّقت في ميدان الجمال بلا اجنحة وداعبت اذواق المستمعين وترققت جملتها بفن بديع
الاعتداد بالنفس الذي طفح على كلام الحلبوسي ووجهه ويده زاحمه التبرير التقليدي ونافسه خيط من النرجسية إلتف على بعض الكلمات وكاد ان يشنقها لولا توزع الحديث على شوارع مفتوحة الطرفين فتراخت سائبة بلا نهايات مغلقة
حديث انتخابات المحافظات والنواب استرسل به الحلبوسي بوثاقته المعروفة فقطع كل شك وقاد الحديث الى دكة الفائزين واعلن فوزه ورفع الكأس وأسدل الستار من الان ولم يبدو على حديثه علامات دعاية انتخابية مبكرة
أدار الحديث بلكنة ولباقة وواقعية أنست كل اللذين قبله من رؤوساء مجلس النواب وبلا صراخ ولا استقطاب
أرسل الحلبوسي رسائل متعددة الى من يهمه الامر ومن ينتظر ان يهمه -تحالف الانبار-الاطار-المالكي-الصدر-تركيا-دول عربية قاسمها المشترك الكل على خط الاتصال والانتظار من طرف واحد
أبدع الحلبوسي في التملص من بعض الاسئلة الحصرية العامة والخاصة فأصبغها بألوان متعددة فأشغلت عيون المراقبين وانتقل الى غيرها بسلاسة مقنعة ولو لبعض الوقت
لم يتوقف على الماضي طويلا رغم قساوة المشهد كون عام٢٠٢٢هو الاصعب والاعسر ولكن انطلق لعام ٢٠٢٣لانه الاهم بمروحته التي ستدور على كل الوجوه ليلامس نسيمها العليل وجوه الازقة والقصور وشرائط الرأس لطالبات المدارس البريئة
أراده الحلبوسي حديثاً لنهاية العام يرافق الجميع حتى نهاية العام فكان وكان.