مجتهد الأنبار
شهدت العاصمة بغداد يوم الثلاثاء الماضي، انبثاق تحالف جديدة تمثله وجوهاً متهمة بالفساد والإرهاب، فيما طالت هذا التحالف انتقادات واسعة في عموم العراق.
وجاء تشكيل التحالف لخوض الانتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول المقبل.
وضمَّ التحالف الوجوه السياسية التي قادات المحافظات الغربية خلال السنوات التي سبقت سقوطها بيد الإرهاب، مما أثار غضباً عارماًلدى العراقيين.
وتعرض التحالف إلى انتقادات واسعة، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كونه لم يخرج عن نطاق الطائفية والمناطقية، إلى جانب التذكير باتهام بعض أعضائه بقضايا فساد مالي وإداري، فيما كان قد اعتُقل بعضهم.
واختير وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي رئيساً للتحالف بحضور بقية أطرافه، وهم جمال الكربولي، وأسامة النجيفي، والمتهم بالفساد والارهاب رافع العيساوي، وقتيبة الجبوري، والمدان سلمان الجميلي.
وبحسب مصادر سياسية، فإن التحالف الجديد ضمَّ غالبية الشخصيات السنّية القديمة سياسياً في العراق، كما أن هدف التحالف الأساسي هو منافسة حزبي تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، والسيادة بزعامة خميس الخنجر، اللذين باتا الأكثر انتشاراً في معظم المدن العراقية ذات الغالبية العربية السنّية، وتحديداً في محافظة الأنبار.
ويمنع الدستور العراقي انخراط وزراء الدفاع والداخلية والقادة العسكريين في أي نشاط سياسي، لكن ظهور وزير الدفاع ثابت العباسي بصفته رئيساً لهذا التحالف الانتخابي أثار جدلاً سياسياً آخر في البلاد، من دون أن تعلّق الحكومة العراقية أو دائرة الأحزاب التابعة للمفوضية العليا للانتخابات على ذلك.
ويمتلك غالبية أعضاء هذا التحالف علاقات وطيدة بالقوى المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي"، وكذلك بعض الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى اعتبار أن هذا التحالف يحظى بتأييد تلك القوى.
ناشطون قالوا إن "معظم هذه الشخصيات لم تقدّم شيئاً في السنوات الماضية، بل كانت سبباً رئيسياً في ما آلت إليه الأوضاع بعد عام 2014 واجتياح تنظيم داعش".
وأضافوا أن "هناك شخصيات استعملت الخطاب الطائفي سياسياً لشحن الشارع والآن عادت، وهذا أمر غير جيد".
من جهته، انتقد الإعلامي ومقدم البرامج السياسية هشام علي، عبر "تويتر"، تشكيل تحالف "الحسم" قائلاً: "لأول مرة في تاريخ النظام السياسي يتشكل تحالف يمثل (جمعية) للوزراء والمسؤولين المتهمين بالفساد، وإن 90 بالمائة منهم مشمولون بقضايا نزاهة وتهم فساد، وبعضهم مقال بسبب فساده، والظريف أنهم رفعوا شعار الحفاظ على أموال المناطق السنّية ومكافحة الفساد، أعان الله المحافظات المنكوبة والمنهوبة".
أما الباحث والمحلل السياسي عبد الله الركابي فرأى أن "عودة التحالفات الطائفية ضرورية لاستمرار عمل الأحزاب التقليدية وبقائها على قيد الحياة، لأن الطائفية هي الخيار الأول والأخير لهذه الأحزاب كي تتحدث بعد الانتخابات عن حصص المكون الذي تنتمي إليه، على الرغم من أن الشعب العراقي يرفض هذه الصيغة".
وأضاف، أن "أساس عمل الحكومات المحلية أو الحكومة الاتحادية هو تقاسم السلطات والمناصب وفق المحاصصة الطائفية، بالتالي فإن خيار الخطاب الوطني العابر للطائفية لا يخدم أي حزب".
واعتبر الركابي أن "تحالف الحسم، أو غيره من التحالفات التي ستُعلن خلال الأيام المقبلة، سواء السنّية أو الشيعية، ما هي إلا نهايات للأحزاب التقليدية، لا سيما أن كل المؤشرات تفيد بقلة المشاركة الانتخابية بالنسبة للجمهور العراقي بسبب حالة اليأس وغياب البديل الوطني الحقيقي".