مجتهد الانبار
نص كلمة رئيس الاتحاد البرلماني العربي السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي في المؤتمر الخامس والثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي لمناقشة تطورات الأوضاع في غزة:
نجتمع اليومَ في ظل ظرفٍ استثنائي غيرِ مسبوق، فالكيانُ الصهيوني الغاصب كشف علناً عن وجهِه الإجرامي العنصري الوحشي، وانتهاكِه الفاضحِ لحقوق الإنسان، ولجميعِ القيمِ الأخلاقية والإنسانية والدينية والعدالةِ الكونية بين جميعِ أبناءِ البشر على اختلاف ألوانِهم وأعراقِهم وأديانِهم وانتماءاتِهم، غيرَ آبهٍ بقرارات الشرعية الدولية ومبادئِ القانونِ الإنساني الدولي، ناهيك عن إمعانه بممارسة أشدِّ وأخطرِ أنواعِ التمييز العنصري، وأقذرِ فصولِ التهجير القسري والمجازرِ الجماعية، التي يندى لها جبينُ البشرية والإنسانية في عموم الأراضي الفلسطينية، وفي قطاع غزة الجريح على وجه الخصوص. وفي خضم تعالي أصواتِ حكومةِ الاحتلال الإسرائيلي وتهديداتها الفاشيةِ بسحقِ غزة وتهجيرِ أهلها، وتحويلِها إلى مقبرةٍ جماعية، يستحضرني قولُ الشاعرِ اللبناني ابراهيم اليازجي محذرا ((تنبهوا واستفيقوا أيها العربُ ... فقد طَمَى الخطْبُ حتى غاصتِ الركبُ)) فالكيانُ الاسرائيلي القوةُ القائمة بالاحتلال تسعى اليوم بشكلٍ هستيري انتقامي ساعي الى تهجيرِ أهلِنا في قطاع غزة وتهجيرِ كلِ من يرفض الوصايةَ الصهيونية على الشعب الفلسطيني الشقيق واستمراريتَه بالعيشِ بحريةٍ وكرامةٍ على ثرَى فلسطين الطهور، الذي يمد الأجيالَ الفلسطينيةَ المتعاقبة بالقوةِ والعزيمةِ للوقوف في وجه آلةِ القتلِ الإسرائيلية الدموية، ولإفشال جميعِ الجهودِ الاستعمارية الخبيثة الرامية إلى طمسِ هوية فلسطين العربية وحضارتِها الإسلامية المسيحية العريقة.
إن واجبَنا القومي والعروبي والإسلامي، كبرلمانيين ممثلين لشعوبِنا وآمالِهم وتطلعاتِهم، يفرض علينا اليوم التكاتفَ والعمل معاً لاتخاذ موقفٍ جماعي حازم وفعلي، لكبح جماحِ الكيان الإسرائيلي الدموي، وتحميلِه هذا الكيانِ الاسرائيلي تبعاتِ تصرفاتِه وممارساته البربرية الهمجية ضدّ شعبٍ أعزلَ متمسكٍ بهُويتِه وثقافتِه وأرضِه، والوقوف معاً كبنيانٍ مرصوصٍ في وجه تصعيد وتيرةِ الأعمالِ الإجرامية الإسرائيلية وتهديدِها العلني بتحويلِ غزة إلى مقبرةٍ جماعيةٍ وتهجيرِ أهلِها قسرياً. وفي هذا الصدد، فإننا نؤكّد جميعاً أن سلامة أهلنا في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمانةٌ في أعناقِنا، وأن الدفاع عن فلسطينَ وشعبِها ومقدساتِها الإسلامية والمسيحية واجبٌ على كل شخص، أو جماعة، أو دولة تُؤمنُ بالحريةِ والديمقراطية وكرامةِ الإنسان وحقِه الشرعي بالعيشِ كريماً عزيزاً على أرضه. فالوضعُ الراهن يُنذر بجرِّ المنطقة العربية بأكملها إلى أتونِ حربٍ مدمرة لن تنفع معها بياناتُ الإدانة والشجب، بل يستوجب اتخاذ قراراتٍ حاسمة تضع حدّاً نهائياً للاعتداءات والانتهاكات المستمرة من الكيان الصهيوني منذ سبعةِ عقود.
وفي هذا المقام، فإننا نناشد المجتمعَ الدولي والضميرَ العالمي الحر، التدخلَ الفوري لوقف الحرب والأعمال العسكرية والمجازر المروعة بحق الأشقاءِ الفلسطينيين، والعملَ فوراً على إدخال المساعدات الإنسانية والغدائية والطبية العاجلة، قبل فوات الأوان وخروجِ المنطقةِ بأكملها عن السيطرة، في الامسِ استهتر الكيانُ الغاصب بانتهاكِ كلِ الأعرافِ الدوليةِ والانسانية بقصفِه للمشفى الاهلي في قطاع غزة، وقبلَها قصفُه المستمرُ على المدنيين في غزة،
وصولاً إلى جمهوريةِ لبنان الشقيق، والجمهوريةِ العربية السورية، فأصواتُ العالم الحرِ في مشارقِ الأرض ومغاربِها تصدح عالياً لرفض هذه الانتهاكات.
ولا يسعني في اجتماعِنا الطارئ هذا وفي هذه الظروفِ الاستثنائية إلا أن أثمّنَ عالياً تضحياتِ وصمودَ الشعبِ الفلسطيني الشقيق، ونؤكد ان الحلَ الجذري لهذا الصراع المزمن يكمن في استعادةِ الشعبِ الفلسطيني لكاملِ حقوقِه غيرِ القابلةِ للتصرف، وعلى رأسِها الحقُ بإقامةِ دولتِه الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فلتحيا فلسطينُ العربيةُ حرةً أبيةً، والمجدُ والخلودُ لأرواحِ الشهداء الأبرار، والشفاءُ العاجل للجرحى والمصابين.